Thursday, May 13, 2010

المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط.




قبل أكثر من عقدين، كان الظهور الفعلي لنظام الـ ABC على يد كل من Cooper & Kaplan عام 1987، وبدأ الباحثون في المجال المحاسبي في ترشيد التطبيق والممارسة العملية، ولبلوغ ذلك تم تحليل إفتراضات هذا النظام، ومبررات اللجؤ إليه والحالات التي تستدعي تطبيقه، فضلاً عن تحليل أنواع المشاكل المرتبطة به، وذلك في البنود التالية:
الأساس الفكري لنظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط.
تأسس هذا النظام على مجموعة من الإفتراضات، يمكن بيانها بشيء من التركيز في أن الأنشطة تستهلك الموارد اللآزمة لأدائها، كمرحلة أولى في القياس، وتستهلك أهداف التكلفة الأنشطة التي تحتاج إليها، كمرحة ثانية في القياس، ويتم تحميل الأنشطة بتكاليف الموارد بناء على قيم محركات/ مسببات تحريك الموارد على الأنشطة، وتسمى "محركات الموارد". Drivers of Resources، ويتم تحميل أهداف التكلفة بتكاليف الأنشطة بناء على قيم محركات/ مسببات تحريك الأنشطة، وتسمى "محركات الأنشطة". Drivers of Activities، كما يركز نظام المحاسبة من التكلفة على أساس النشاط على الاستهلاك وليس الإنفاق، لذلك فإن عملية تخفيض التكلفة تتطلب إحداث تغير في الإنفاق، وتعبر مجمعات التكلفة عن تجمعات من الأنشطة ذات الطبيعة المتجانسة، ويجب الأخذ في الإعتبار التكاليف السابقة واللاحقة للعملية الإنتاجية والتي تزيد عن 80% من إجمالي التكاليف في أغلب المنظمات. [ الملحم، 2002: 88-89؛ صالح، 2002: 45؛ ضو، 2004: 185] ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو ما الذي يجعل المنظمات تقبل على تطبيق هذا النظام وتبني أفكارها. وهو ما سيتم الإجابة عليه في البند التالي.
مبررات اللجؤ/ مؤشرات الحاجة لتطبيق نظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط.
تقف مجموعة من المؤشرات الدالة على حاجة منظمات الأعمال لتطبيق نظام الـ ABC ، ولعل أهم هذه المؤشرات/ المبررات تتمثل في وجود تنوع أو تباين في المنتجات التي تقدمها المنظمة، أن تمثل التكاليف غير المباشرة نسبة كبيرة من هيكل التكاليف بالمنظمة، عدم تقليدية المنتجات التي تقدمها المنظمة، وتأثرها بالتقادم السريع، إعتماد المنظمة على تقنيات عالية في الإنتاج والتشغيل وإدارة العمليات، تقديم المنظمة لبعض المنتجات الفريدة – ذات هوامش الربح العالية – ضمن تشكيلة منتجاتها، ضعف الثقة في بيانات التكاليف لأغراض التسعير، زيادة أهمية الأنشطة المساندة/ الداعمة مثل التصميم الهندسي للمنتج، وتصميم العمليات الإنتاجية، وبرمجة الإنتاج، والمعالجة الآلية للبيانات، وإتساع نطاق تطبيقات الحاسب الآلي، فضلاً عن حاجة الإدارة للحصول على معلومات دقيقة على مستوى وحدة النشاط ومستويات الإنتاج، ومستويات الأنشطة غير الإنتاجية، وعلى مستوى المؤسسة ككل، زيادة حده المنافسة في سوق/ أسواق منتجات المنظمة، مع إعتماد الأخيرة على التكلفة في المنافسة، إحداث تغيرات في تشكيلة المنتجات كأساس في المحافظة على/ تنمية النصيب السوقي، الإتجاه نحو تمييز منتجات الشركة بإدخال تغيرات مستمرة على الخصائص أو المواصفات، بناء على خطة منهجية في التطوير، أو بناء على رغبات العملاء – تبنى إستراتيجية تمييز منتجات المنظمة-.وأخيراً وجود منتجات معقدة ذات ربحية عالية، على الرغم من عدم بيعها بأسعار عالية. [For More details: Anderson, 1995: 14-15; Brewer, 2003: 50-52; Armstrong, 2002: 99-101; Briner, et.al, 2003: 67-72; Brown, et.al, 2004: 330-335; Drake, et.al, 2001: 445-452]
النتائج المرجوة من تطبيق نظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط .
كان كل من Cooper & Kaplan يأملان من خلال تطبيق هذا النظام، وكذلك المناصرين له، أن يكون قادراً على تحقيق العديد من الأهداف أو بالأحرى العديد من الآمال، ويمكن تناولها بشكل محدد فيما يلي: [For More details: Degraeve & Roodhooft, 200: 70-82; Drake, et.al, 1999: 334-335; Gaplan, et.al, 2005: 51-55; Cardinaels & Labro, 2008: 735-741; Searcy, 2004: 4-12; SchrIjver, 2007a: 10-11] المساهمة في زيادة دقة قياس أهداف التكلفة. خلق آلية جديدة لضبط ورقابة التكلفة . تعيين وتقييم فرص تخفيض التكاليف، والتقرير عنها بدقة ووضوح. وضع منهجية عادلة في تقييم الأداء. يوجه إهتمام الإدارة نحو الإدارة الشاملة للتكلفة. المساهمة في تقييم ربحية خطوط الإنتاج .توجيه الإهتمام نحو القيمة - من منظور العميل- وتخفيض الأنشطة التي لا تضيف قيمة للعميل. الوصول إلى أفضل أو أقرب معيار لتحريك التكلفة، يحقق عدالة التحميل، سواء من الموارد على الأنشطة، أو من الأخيرة على أهداف التكلفة. إستكشاف الأسس الموضوعية لتجميع الأنشطة، للوصول لمجمعات تكلفة أكثر تجانساً. توجيه نظر الإدارة إلى سبل النهوض بالتكلفة لتحقيق الريادة في التكلفة على المنافسين.تحقيق فهم أعمق لسلوك عناصر التكلفة. تحسين منهجية التسعير في ظل تصاعد المنافسة في أوقات الرواج، حيث الرغبة في تنمية الحصة السوقية، أو في أوقات الكساد، حيث الرغبة في المحافظة على الحصة السوقية أو حتى محاولة البقاء في السوق. تحسين منهجية إتخاذ قرارات تشكيلة المنتجات، من خلال معرفة ربحية المنتجات التي تتعامل فيها المنظمة، ومساهمتها في إستيعاب التكاليف الثابتة للمنظمة. المساهمة في تحديد المستويات المناسبة للإنتاج. ترشيد قرارات التسويق وإختيار قنوات التوزيع المناسبة و قرارات تقييم وتقديم المنتجات أو الخدمات الجديدة. المساعدة في تصنيف العملاء حسب ربحيتهم للمنظمة بشكل أكثر دقة. إعادة تصميم عمليات المنظمة، بما يضمن سلامة التشغيل، والرقابة على الموارد والأنشطة والمنتجات. إعادة صياغة العلاقة بين تكاليف الأنشطة أو مجمعاتها والمسئولين عن إستخدام الموارد المتاحة. المساعدة في تفسير الطلب على الموارد ذات العلاقة غير المباشرة بأهداف التكلفة, بإعتباره نظام للإستهلاك يوضح درجة إستغلال هذه الموارد داخل مستويات معينة لطاقات هذه الموارد.
المشاكل العلمية المرتبطة بنظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط.
يمكن تناول المشاكل العلمية ذات الصلة بالأسس النظرية لهذا النظام، والتي بدأ مناقشتها منذ تقديم نموذج هذا النظام إلى المجتمع الأكاديمي,وعلى إمتداد أكثر من عقدين من الزمن, على النحو التالي بيانه:-
1- أنه مجرد نظام لتحميل وتخصيص التكاليف الصناعية غير المباشرة, كان يمكن الوصول إليه بالتطبيق الصحيح لفكرة مراكز التكلفة, ومن ثم فهي مجرد حاويات جديدة لمحتوى قديم. [إبراهيم، 1993: 6-7]
2- صعوبة تحديد العدد الأمثل لمحركات التكلفة حيث لايوفر هذا النظام آلية/ منهجية للوصول إلى العدد الأمثل لموجهات تكاليف الموارد على الأنشطة, أو توجيه تكاليف الأنشطة على أهداف التكلفة, ومن ثم فيتم في النهاية اللجؤ إلى أسس حكمية في الإختيار, ولاسيما في ظل تعدد وتنوع هذه الموجهات. [يوسف، 1994: 35-40]
3- لا يستطيع نظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط, قياس تكاليف الطاقات غير المستغلة من الموارد الأمر الذي يجعل القدر غير المحمل على أهداف التكلفة محلاً للمعالجة في قائمة الدخل, وفي أحسن الظروف يتم اللجؤ إلى معيار حكمي للتوزيع. [Anderson, 1995: 11-15]
4- عند تكوين ومعالجة مجمعات التكلفة يكون هناك حاجة للمفاضلة بين محركات الأنشطة الفرعية, وينتهي الأمر عند إختيار محرك أو أثنين فقط للتعبير عن طريقة توجيه مجمع تكلفة النشاط الرئيسي، الأمر الذي يجعل عملية التخصيص يشوبها عدم الدقة في التوجيه. [يوسف، 1994: 48-49؛ حمد، 1993: 1062-1071؛ Atkinson,2007: 44]
5- الفشل في تخصيص تكاليف أولى في التخصيص كإستهلاك مباني المصنع, وكذلك بعض عناصر التكاليف الزمنية المرتبطة بالنشاط الإنتاجي.[Cardinaels, 2008: 135-138]
6- ما زالت معلومات نظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط معلومات داخلية, والتعامل معها بإعتبارها معلومات إستراتيجية يدفع إلى إتخاذ قرارات غير سليمة, لإن القرارات الإستراتيجية تستلزم معلومات خارجية، عن المنافسين والأسواق ... . [الجبالي، 1997: 170-178]
7- في ظل المشروعات التي تتسم منتجاتها بموسمية الطلب, نجد أن هناك إختلاف في المقادير التي تتحمل بها أهداف التكلفة من تكاليف الأنشطة, الأمر الذي يجعل من القياس والتحميل والتسعير, أمر محل نظر في مثل هذه المشروعات. [Hudig, 2007: 5-6; Anderson, 2002: 199-200]
8- إن التركيز على تطبيق مفهوم القيمة للعميل Customer Value يجعل هناك تركيز شديد على تلك الأنشطة التي تضيف قيمة يستشعرها العميل, وتؤثر في قراره الشرائي,أما التي لا تضيف قيمة للعميل, أو على الأقل لا يستشعر بأهميتها, فعندئذ يتم التعامل معها على أنها أعباء عامة, ومن ثم يشوة ذلك تكلفة المنتج.[Cardinals, 2008: 136]
المشاكل العملية التي ارتبطت بتطبيق نظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط .
أفرزت تطبيقات المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط، بعض المشاكل التي جمحت طموح منظمات الأعمال نحو تطبيق هذا النظام، ولعل أبرز هذه المشاكل كانت ما يلي: [For Example: Kaplan & Anderson, 2007: 5-15; Kaplan, 2006: 7-19; Everaet, et.al; 2008:16-20; النشار، 2001، 183-199؛ إبراهيم، 1993: 6-46[
1- إرتفاع تكلفة تطبيق النظام ولاسيما في المنظمات الكثيفة الأنشطة، المتعددة الخدمات، المتنوعة المنتجات.
2- صعوبة تحقيق الخفض المنهجي في التكلفة في ظل ارتفاع تكاليف تطبيق هذا النظام بكافة مفرداتها، وبالتالي صعوبة تطبيق إستراتيجية ريادة التكلفة، كإستراتيجية عامة في المنافسة.
3- نظراً للإهتمام الأكاديمي بالمحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط، وما ترتب عليه من تطورات خاصة بإدارة التكلفة، والإدارة الشاملة، والإستراتيجية لها Total and Strategic Cost Management، وكذلك ظهور فكر إداري معتمد على إدارة المعتمدة على الأنشطة Activity based Management كذلك ظهرت العديد من المفاهيم الحديثة، كالمحاسبة عن دورة حياة المنتج Product Life Cycle Costing، التكلفة المستهدفة Target Cost والتكلفة المطورة Kaizen Cost وغيرها من المفاهيم، مما أضاف صعوبات عملية المنظمات الكبيرة.
4- الحاجة إلى قاعدة معلومات متطورة ووجود صعوبات في بيانات الأنشطة والمنتجات وأساليب تنفيذ الأعمال.
5- صعوبة تجميع بعض الأنشطة في ظل وجود عدة مئات بل الآلاف من الأنشطة الرئيسية والفرعية، حالت ظروف التطبيق دون تجميع بعض الأنشطة مع بعضها، بسبب اختيار محرك/ محركات التكلفة في ظل هذا التجميع.6- الإختيار الحكمي لمحركات التكلفة بسبب تداخلها وتشابكها مع بعضها، الأمر الذي دفع إلى إختيار أبرزها/ أهمها.

No comments:

Post a Comment